السبت، 2 نوفمبر 2013

حديث: آخر الدواء الكي ليس بحديث

حديث: آخر الدواء الكي
ليس بحديث

لقد اشتهر هذا الكلام على ألسِنة كثيرٍ من الناس على أنه حديث نبوي وليس كذلك، وإنما هو من أمثال العرب، وانظر:
)١( "فتح الباري")١٤٥/١٠( قال الحافظ:إنما هو من أمثال العرب. )٢( "فيض القدير" )٢٣٢/٤( تحت حديث رقم )٤٩٤١(. )٣( "المقاصد الحسنة" رقم )١

قلت: لكن جاء ذكر الكي في بعض النصوص الصحيحة، في آخر مرحلة للعلاج كما في قوله ﷺ : الشفاء في ثلاثة:شربة عسل، وشرطة محجم، وكية بنار، وأنهى أمتي عن الكي
( أخرجه البخاري) .
وقال العلامة ابن القيم رحمه االله-: وأما النهي عن الكي، فهو أن يكتوي طلبا ً للشفاء، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتوِ هلك، فنهاهم عنه لأجل هذه النية. وقيل: إنما نهى عنه عمران بن حصين رضي االله عنهما خاصة ً، لأنه كان به ناصور، وكان موضعه خطر ًا، فنهاه عن كيه، فيشبه أن يكون النهي منصرفا ً إلى الموضع المخوف منه، واالله أعلم.
وقال ابن قتيبة -رحمه االله-: الكي جنسان:
الأول: كي الصحيح لئلا يعتل َّ، فهذا الذي قيل فيه:
لم يتوكل من
اكتوى لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه.
والثاني: كي الجرح إذا نغِل َ، والعضو إذا قطِع، ففي هذا الشفاءُ. وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع، ويجوز أن لا ينجع
فإنه إلى الكراهة أقرب.اهـ.

وثبت في الصحيح في حديث السبعين ألفا ً الذين يدخلون الجنة بغير حساب: هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم
يتوكلون
( أخرجه البخاري ومسلم).
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع:
أحدها: فعله؛ لما رواه جابر رضي الله عنه قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله قال: فحسمه النبي ﷺ بيده بمشقص...
حسمه، أي:كواه.
رواه مسلم.
الثاني: عدم محبته له؛ لما رواه جابر t عن النبي ﷺ قال: إن كان في شيء من أدويتكم...وما أحب أن أكتوي
( رواه البخاري ومسلم.
الثالث: الثناء على من تركه.
الرابع: النهي عنه.
ولا تعارض بينها بحمد االله تعالى، فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه، وأما الثناء على تاركه، فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه
فيفعل خوفا ً من حدوث الداء. واالله أعلم.
وقد تكلم على هذه المسألة الحافظ ابن حجر-رحمه االله- في "الفتح"، والعلامة الألباني -رحمه االله- في "الصحيحة" تحت حديث: من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل، بكلام نفيس فارجع له إن شئت)
من كتاب إسعاف الأخيار بما اشتهر ولم يصح من الاحاديث والقصص والآثار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق