الخميس، 21 نوفمبر 2013

هل يقال " قوس قزح"؟ إقرا ما قاله الإمام الألباني رحمه الله عنه

حديث قوس قزح موضوع

"عندما تهطل الأمطار بغزارة في مكان ما ، يظهر في الأفق قوس بألوان الطيف ، طرفاه على الأرض وقبته باتجاه السماء ، والكثرة الكاثرة من الناس تسميه (قوس قزح) . وإنني أريد أن يعلم جميع الإخوة والأخوات أن هذه التسمية تسمية خطأ لأن قزح اسم شيطان ، فإذا قلنا قوس قزح ، فكأننا قلنا قوس الشيطان ، والشيطان عندما يسمع هذه العبارة يتعاظم ويفتخر وينتشي ويتطاول ، وقد أمرنا الإسلام دائما بأن نفعل خلاف ما يحبه الشيطان ويتطاول بسببه ، ولذلك يجب على المسلم إذا رأى هذا القوس أن يقول : قوس الله ، أو قوس المطر ، أو قوس الرعد . ولقد سماه شيخ الإسلام ابن تيمية قوس الله ، وقال ابن القيم : "يكره أن يقال قوس قزح لهذا الذي يرى في السماء" وكذلك قال الإمام النووي ونقل حديثا عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقولوا قوس قزح فإن قزح شيطان ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل الأرض " وذكر ابن وهب في جامعه عن القاسم ابن عبد الرحمن قال : « لا تقولوا قوس قزح ، فإنما القزح شيطان ، ولكنها القوس" ولا أدري كيف غابت هذه الأحاديث عن أذهان الناس فأصبحوا جميعا ـ إلا من رحم الله ـ لا يتحدثون إلا قالوا : قوس قزح ، كما وصل الأمر بهم إلى أن يسموا دكاكينهم ومحلاتهم باسم قوس قزح ، ولو علموا أن قزح اسم شيطان لما كتبوه على أبواب أرزاقهم أتمنى من الجميع أن يعلموا هذا الأمر ، وأن يبلغوه إلى من لا يعرفه ، حتى يسود العلم ، ويذهب الجهل ، ويندحر الشيطان ، نعوذ بالله تعالى من شره وكيده ومكره ، نحن وجميع المسلمين اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات و للمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات".

فأقول ردا على هذه المقولة ما قاله الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة حديث رقم 872 في الجزء الثاني منه :

" لا تقولوا قوس قزح ,فإن قزح شيطان ,و لكن قولوا : قوس الله عز وجل , فهو أمان لأهل الأرض من الغرق " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 264 ):

موضوع . أخرجه أبو نعيم ( 2 / 309 ) و الخطيب ( 8 / 452 ) من طريق زكريا بن حكيم الحبطي عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس مرفوعا . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث أبي رجاء , لم يرفعه فيما أعلم إلا زكريا بن حكيم " . قلت :و في ترجمته ساقه الخطيب ثم عقبه بقول ابن معين فيه و كذا النسائي : "ليس بثقة " . و قال ابن حبان ( 1 / 311 ) :" يروي عن الأثبات ما لا يشبه أحاديثهم , حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها " .

و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 144 ) من رواية الخطيب ثم قال :" لم يرفعه غير زكريا , قال فيه يحيى و النسائي :ليس بثقة , قال أحمد :ليس بشيء , قال ابن المديني : هالك " . و تعقبه السيوطي في "اللآلي " فقال ( 1 / 87 ) : " قلت : أخرجه أبو نعيم في "الحلية " , قال النووي في "الأذكار " : يكره أن يقال : قوس قزح , و استدل بهذا الحديث , و هذا يدل على أنه غير موضوع " . قلت : و هذا تعقب يغني حكايته عن رده ! لأن الحديث في " الحلية " من هذه الطريق التي فيها ذلك الهالك المتفق على تضعيفه , فمثله لا يكون حديثه إلا ضعيفا جدا , فكيف يستدل به على حكم شرعي

و هو الكراهة ?! بل لا يجوز الاستدلال به عليه و لو فرض أنه ضعيف فقط , أي ليس موضوعا و لا ضعيفا جدا , لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بالحديث الضعيف اتفاقا .و ما أرى النووي رحمه الله تعالى أتي إلا من قبل تلك القاعدة الخاطئة التي تقول : " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " ! و هي قاعدة غير صحيحة كما أثبت ذلك في مقدمة كتابنا " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " , و لعله يطبع قريبا إن شاء الله تعالى , فإنه - أعني النووي - ظن أن الحديث ضعيف فقط ! و هو أشد من ذلك كما رأيت . و الله المستعان . و من مساويء هذه القاعدة المزعومة إثبات أحكام شرعية بأحاديث ضعيفة ,و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا و حسبك منها الآن هذا الحديث , بل إن بعضهم يثبت ذلك بأحاديث موضوعة اعتمادا منه على تضعيف

مطلق للحديث من بعض الأئمة , بينما هو في الحقيقة موضوع , و لا ينافي القول به الاطلاق المذكور . و هذا باب واسع لا مجال لتفصيل الكلام فيه في هذا المكان . هذا و يغلب على الظن أن أصل الحديث موقوف , تعمد رفعه ذلك الهالك ,أو على الأقل المتقدم عن ابن عباس موقوفا عليه , و قد رواه الطبراني في "المعجم الكبير " ( 3 / 85 - 86 ) من طريق أخرى عنه موقوفا عليه مختصرا بلفظ : " إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق " . و رجاله كلهم ثقات , و قال الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 1 / 38 ) : "إسناده صحيح " . و فيه عندي نظر لأن في سنده عارما أبا النعمان و اسمه محمد بن الفضل و كان تغير بل اختلط في آخر عمره . و يؤيده أيضا أن ابن وهب رواه في "الجامع " ( ص 8 ) و الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( 1 / 176 - 177 ) من حديث علي موقوفا عليه أيضا . ثم رواه ابن وهب عن القاسم بن عبد الرحمن من قوله . و إذا ثبت أن الحديث موقوف ,فالظاهر حينئذ أنه من الإسرائيليات التي تلقاها بعض الصحابة عن أهل الكتاب , و موقف المؤمن تجاهها معروف , و هو عدم التصديق و لا التكذيب , إلا إذا خالفت شرعا أو عقلا . و الله أعلم . اهـ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق