الخميس، 16 فبراير 2012

حرية الرأي بين تجاوزات الليبراليين وتبريرات الإخوانيين

إن الإحـداث الأخيرة في العالــــــم العربي كشفت لنا ركامــا من التصـورات ، والتوجهــات ، والتناقضـات ، ورب ضارة نافعة ؛ حتى يحصــــل التمحيص ، وتتمايز الخطوط ، ” فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفــــع الناس فيمكث في الأرض ” .

و لا يخفى على كل متابع للساحة العلمية والإعلامية والتقنيـة بمختلف صورها ؛ دخول أطياف مختلفة ، و ولوج فئام مزدوجــة ، ومن بين هـــــؤلاء طائفة قد امتطت صهوة جواد حرية الرأي والتعبير ، بلا ضابــط و لا قيــد و لا شرط ، تحت شعارات ( الحوار ، سعة الأفق ، التعايش ، الآخــــر ، التنويــر ) ، حتى صارت الثوابت الإسلامية ، والمقدسات الشرعية محل نقاش وإبداء رأي !!

ومما يزيد الطين بلـــه ، ويوسع المهزلـــة ، أن تصــــدر الحوارات والنقاشات والاقتراحات من غير المتخصصين الراسخين ؛ مما أفرز طرحا هلاميا هزيلا ضعيفا .

والأغرب من ذلك أن ترى صور التواطؤ بين التيارات المتباينة ، وتكتلهــا في خندق واحد ؛ لأغراض سياسية وطائفية وحزبية ، فتجد الليبرالي مع الإخواني في لفيف مخيف ، يستغلون الفرص ، ويرقعون فيما بينهم الخلل ، ولو على حساب المسلمات الدينية ، والقواعد الشرعية ، والآداب الإسلاميـــة ، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة !

ولست هنا في صدد ذكر ضوابط التعبيرعن الرأي : من عدم مصادمة الثوابت الدينيـــة ، ومراعاة المصالح الشرعيــــة ، والبعد عن الألفاظ السوقيــة ، وعدم الإخلال بالأسس الأمنيــة ، مع المصداقية والموضوعية ، وغيرها من القواعد المرعية ، مما هو منثور في الكتب العلمية .

و لا يخفى على القاصي والداني ما صدر من الكاتــب الصحفي الغمر ” حمزة كاشغري ” في صفحات تويتر ؛ من تطاوله على الله تعالى وتشكيكه في وجوده سبحانه ! واستخفافه بالقرآن ! وما تبع ذلك من ســوء الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وتصريحه بكراهيته ما جــــاء بــه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وغيرها من الكفريات التي أجمع العلماء على تكفير قائلهـــا ؛ لقوله تعالى ” قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ” ، وهذا الكاتب اللئيم أنموذج لما فرخه الليبراليون الذين يدعون إلى الحرية المطلقة .

ولكن ثالثة الأثافي تبرير المبررين ، ودفــــــاع الإسلاميين الإصلاحيين ، ممن يظهرون الغيرة على الدين ، ويرفعون شعــارات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فما هي إلا لحظات معدودات من عبارات هذا الصبي الأثيـــــم ، حتى تشكل فريق متكامل مزدوج للدفـــاع والتبرير والتخفيف ؛ فجاء الدكتور سلمان العودة يخفف الوقع ، ويستبشر بالتوبة المزعومة ، دون نكير يذكر ، أو تنـــديد يسطر ، و لا غرو في ذلك فهناك عامل مشترك بين الفاعـــــل والمدافـــع فهما يشتركان في التوقيع على عريضة الإصلاح في مدينة جـــــدة !!

ويأتي عشـــرات المثقفين المخلطين ، المتـــــأثرين بالإصلاحيين ، في دولة الإمارات أمثال الأستاذ أحمد المنصوري والأستــــاذ عبدالحميد الكميتي وغيرهمـــا ليدافعوا ويبرروا موقف كاشغري المخزي ، باسم الحرية والعدالة ، و لا ينقضي عجبي من الإخوانييـن الإمارتيين الذين لم يتحرك لهم ساكن حول هذا الخطب الجلل ! وسكوتهم عــن أبواقهم المدافعــة والمبررة ، سبحـــان الله لما سمعوا خبر الحفــل الغنائي الذي سيقام في العاصمـــــة أقاموا الدنيا وما أقعدوها ، وصار حديثهم صباح مساء ، وجعلوه مدخلا للطعن في ولاة الأمر ، وأجهزة الأمن ، مع أنه من المعاصي ؛ التي تنكر بالضوابط الشرعيـــة ، وآداب النصيحة المرعيــــة ، وأما في مسألة الكفر البواح الـــذي صـــدر من الكـــــاتب حمزة كاشغري ؛ من سب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والاستهــــزاء بالقرآن ، قلت كتاباتهم ، وتساهلوا مع من يدافع ويبرر من لفيفهم ، فأين الغيرة على الدين ؟ وأين إنكار المنكــر ؟ أم أن هذا الموضوع لا يخدم دعوتكم سياسيا ؟! ثم أجيبوني يا دعاة الإصـــلاح ما هذا التعاون الحميم مع التيار الليبرالي ؟ أهي الأهداف المشتركة ، والغنــائم المنتظرة !!

لقد بان للعقلاء مكركم يا دعاة الإصلاح ، فالقضايا تحجم وتضخم عندكم وفــق مصالح حزبكــــــم ، ورديء فكركـــــم ، فكم تنتظرون على دولتنـــا الزلات ، وتقتنصون الثغرات ، وللأسف كل ذلك باسم الدين والغيرة والإصلاح !!

و والله إن الأوراق مكشوفــة ، والأجندات مفضوحـــة ، واللحظات معـــدودة ، ونسأل الله أن يحفظ دولتنا وحكامنا وشعبنا من خططكم المخبوءة .


منقول من مدونة الكاتب الإماراتي - محمد سيف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق