الأحد، 12 فبراير 2012

المناصحة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعمة العقيدة السلفية و الصلاة و السلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-


أما بعد
فهذه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب مناصحة ولي الأمر في السر لا في العلن :ـ
الحديث الأول :ـ
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (إن الدين النصيحة ، إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) صححه الألباني
الحديث الثاني :ـ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية و لكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك و إلا كان قد أدى الذي عليه) صححه الألباني


وهذه الآثار عن الصحابة في وجوب مناصحة ولي الأمر بالسر ﻻ في العلن :ـ
الأثر الأول :ـ
ـ"قيل لأسامه بن زيد رضي الله عنه : ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟ فقال : أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ؟ والله ! لقد كلمته فيما بيني وبينه . (وفي رواية البخاري قال :إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ، إني أكلمه في السر) ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه . ولا أقول لأحد ، يكون علي أميرا : إنه خير الناس . بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يؤتى بالرجل يوم القيامة . فيلقى في النار . فتندلق أقتاب بطنه . فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى . فيجتمع إليه أهل النار . فيقولون : يا فلان ! مالك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : بلى . قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه " . وفي رواية : كنا عند أسامة بن زيد . فقال رجل : ما يمنعك أن تدخل على عثمان فتكلمه فيما يصنع ؟ وساق الحديث" رواه مسلم و البخاري بلفظ آخر



الأثر الثاني : ـ
عن سعيد بن حبير قال : قلت لابن عباس آمر إمامي بالمعروف ؟ فقال ابن عباس: (( إن خشيت أن يقتلك فلا، فإن كنت فاعلاً ففيما بينك وبينه، ولا تغتب إمامك )). صححه البيهقي


الأثر الثالث :ـ
ـ"أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فقال من أنت قلت أنا سعيد بن جهمان قال ما فعل والدك قلت قتلته الأزارقة قال لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلاب النار قلت الأزارقة وحدهم أو الخوارج كلها قال بل الخوارج كلها قلت فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم ويفعل فتناول بيدي فغمزها غمزة شديدة ثم قال يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم فإن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم فإن قبل منك وإلا فدعه فلست بأعلم منه " رواه الهيثمي وقال رجاله ثقات


فتاوى العلماء في وجوب النصيحة بالسر لا بالعلن :ـ


فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله :ـ
السائل : هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟، وما منهج السلف في نصح الولاة ؟ .
…فأجاب : (((ليس من منهج السَّلَف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذَلِكَ عَلَى المنابر لأن ذَلِكَ يُفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة فِي المعروف ويُفضي إلى الخوض الَّذِي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عِنْد السَّلَف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلونَ به حتَّى يوجه إلى الخير؛ وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فيُنكر الزنا، ويُنكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر فلانًا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم.
ولَمَّا وقعت الفتنة فِي عهد عُثْمَان رضي الله عنه قَالَ: بعضُ الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه ألا تكلِّم عُثْمَان؟ فَقَالَ: إنكم ترون أني لا أكلِّمه إلاَّ أُسمعكم؟ إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرًا لا أحبُّ أن أكونَ أول من افتتحه.
ولَمَّا فتحوا الشر فِي زمان عُثْمَان رضي الله عنه وأنكروا عَلَى عُثْمَان جهرة تَمَّت الفتنة والقتال والفساد الَّذِي لا يزال الناس فِي آثاره إلى اليوم حتَّى حصلت الفتنة بين عليّ ومعاوية، وقُتِلَ عُثْمَان بأسباب ذَلِكَ، وقُتِلَ جَمْعٌ كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنًا حتَّى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه، نسأل الله العافية) ))

فتوى أخرى للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله :ـ
قال رحمه الله : ( فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق ، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله ، أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات ، ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شرَّاً عظيماً على الدعاة ، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة .فالطريق الصحيح :بالزيارة ، والمكاتبات بالتي هي أحسن فتنصح الرئيس ، والأمير ، وشيخ القبيلة بهذه الطريقة ، لا بالعنف والمظاهرة فالنبي - صلى الله عليه وسلم - مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ، ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم ، واغتيالهم ، ولا شك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة ، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها و مضادتها بكل ممكن ، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب ، لكن يحصل به ضده ، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر الدعوة ويضايقهاأو يقضي عليها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله )

فتوى أخرى للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله :ـ
يقول السائل: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيدًا أو في سبيل الله؟
الجواب:
لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج؛ ولكني أراها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض النَّاسِ، والتَّعدِّي على الأنظمة بغير حقٍّ. ولكنْ الأسباب الشرعيَّة: المكاتبة، والنَّصيحة، والدعوة إلى الخير، من الطرق السِّليَّمة التي سلكها أهل العلم، وسلكها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلَّم، وأتباعهم بإحسان؛ من المكاتبة والمشافهة مع الأمير، ومع السلطان؛ الاتصال به ومناصحته والمكاتبة له، دون التشهير على المنابر وغيرها بأنَّه فعل كذا، وصدر منه كذا. الله المستعان. نعم.

فتوى الشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله :ـ
السائل :فضيلة الشيخ: ذكرتم في كلامكم بعض ضوابط السلفية فالسؤال هنا : أن هناك رجلاً يظهر عليه اتباع السلف وعقيدته سليمة وعنده من الحسنات الكثير ، لكنه خالف السلف في منهج معاملة الحاكم ، فهل يخرج من السلفية ويبدع ؟
فأجاب الشيخ :لا شك أن منهج السلف هو الصبر على أذى الحكام ، والدعاء لهم ، وإقامة الجمع والأعياد معهم ، كما قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية من طريقة أهل السنة والجماعة إقامة الجمع والأعياد والحج والجهاد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً . وكما كان الإمام أحمد وغيره من الأئمة يعاملون الأمراء بما يقتضيه الحال من الدعاء لهم وسؤال الهداية لهم ، وعدم إفشاء معايبهم أمام الناس ، فالسكوت على الخطأ غلط ، ونشر الخطأ غلط ، والصواب بين هذا وهذا كما هو في جميع الأشياء الوسط هو الخير {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً}.أما مسألة كونه يخرج عن السلفية أم لا يخرج فهذا شيء آخر ، إنما الكلام على أن مذهب السلف هو الصبر على الأمراء والدعاء لهم وعدم إثارة الناس عليهم وتسكين الأمور . بل قال الرسول –عليه الصلاة والسلام- : ((اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)). ففي هذه المسالة التي وقع السؤال عنها خرج هذا الرجل عن مذهب السلف في معاملة الحكام لكن قد يكون على مذهب السلف من وجه آخر . وهذه المسألة من أخطر ما يكون على العامة وعلى ولاة الأمور وعلى الجميع لأن الناس إذا شحنت قلوبهم على ولي الأمر فسدوا وصاروا يتمردون على أمره ويخالفونه ، ويرون الحسنة منه سيئة ، وينشرون السيئات ويخفون الحسنات وإذا زيد على ذلك التقليل من شأن العلماء فسد الدين أيضاً .فتمرد الناس على الأمراء اختلال للأمن ، وتمرد الناس على العلماء فساد للشريعة .


فتوى أخرى للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :
قال الشيخ بن عثيمين ( ثالثا لا يجوز لنا أن نتكلم بين العامة فيما يثير الضغائن على ولاة الأمور وفيما يسبب البغضاء لهم لأن في ذلك مفسدة كبيرة. قد يتراءى للإنسان أن هذه غيرة، وأن هذا صدعا بالحق، والصدع بالحق لا يكون من وراء حجاب، الصدع بالحق أن يكون ولي الأمر أمامك وتقول أنت فعلت كذا وهذا لا يجوز، خالفت هذا وهذا واجب. أما أن تتحدث من وراء حجاب في سب ولي الأمر والتشهير به فهذا ليس من الصدع بالحق، هذا من الفساد، هذا مما يوجب إغارة الصدور، وكراهة ولاة الأمور، والتمرد عليهم، وربما يفضي إلى ما هو أكبر إلى الخروج عليهم ونبذ بيعتهم والعياذ بالله. وكل هذه أمور يجب أن نتفطن لها ويجب أن نسير فيها على ما سار عليه أهل السنة والجماعة. ومن أراد أن يعرف ذلك فليقرأ كتب السنة المؤلفة في هذا يجد كيف يعظم أئمة أهل العلم من هذه الأمة كيف يعظمون ولاة الأمور، وكيف يقومون بما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام من ترك المنابذة ومن السمع والطاعة في غير معصية وقد ذكر -رحمه الله- شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر العقيدة الواسطية وهي عقيدة مختصرة لكنها حجمها كبير جدا في المعنى، أن من هدي أهل السنة والجماعة وطريقتهم أنهم يدينون بالولاء لولاة الأمور وأنهم يرون إقامة الحج والجهاد والأعياد والجمعة مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا، حتى لو (...) ولي الأمر كان أهل السنة والجماعة يرون إقامة الجهاد معه وإقامة الحج وإقامة الجمعة وإقامة الأعياد إلا إذا رأينا كفرا بواحا صريحا عندنا فيه من الله برهانا والعياذ بالله، فهذا يجب علينا ما استطعنا أن نزيل هذا الحاكم وأن نستبدله بخير منه. أما مجرد المعاصي والاستئثار وغيرها فان أهل السنة والجماعة يرون أن ولي الأمر لهم ولاية حتى معها فتنة وأن له السمع والطاعة وأنه لا تجوز منازلته ولا إيغار الصدور عليه ولا غير ذلك مما يكون فساده أعظم وأعظم. والشر ليس يُدفع بالشر. ما الذي يدفع الشر؟ هو الخير، ادفع الشر بالخير، أما أن تدفع الشر بشر فإن كان مثله فلا فائدة، وإن كان أشر منه كما هو الغالب في مثل هذه الأمور فإن ذلك مفسدة كبيرة. نسأل الله أن يهدي ولاة أمورنا وأن يهدي رعيتنا لما يلزمه وأن يوفق كل منهم للقيام بما يجب عليه. )


المصدر :منتديات أنصار السنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق