الأحد، 12 فبراير 2012

صفات خوارج العصر من فتاوى علماء العصر (٣)

صفات خوارج العصر من فتاوى علماء العصر


3- تهييج الناس وإيغار صدروهم على الحكام بذكر معايبهم والطعن فيهم والتظاهر ضدهم:

سئل سماحة الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله – :

عن المنشورات الوافدة من لندن، ومضمون كلام السائلين أنهم سمعوا كلاماً لبعض العلماء لكن يريدون الفتيا التي تصدرونها أنتم حتى نكون على بينة من أمرنا.

فأجاب – رحمه الله - :

أما المنشورات التي تصدر من المسعري ومن معه في لندن للتشويش على هذه الدولة وهذه البلاد، قد صدر منا غير مرة الوصية بعدم نشرها، أو بإتلاف ما يوجد منها،

وأنها تجر إلى الفتن والفرقة والاختلاف، فالواجب إتلاف ما يصدر وعدم تداوله بين المسلمين، والدعاء لولاة الأمور بالتوفيق والهداية والصلاح وأن الله يعينهم على كل خير وأن الله يسدد خطاهم، ويمنحهم البطانة الصالحة، في الصلاة وغيرها؛ يدعوا الإنسان ربه في سجوده، وفي آخر صلاته، وفي آخر الليل، للمسلمين ولولاة الأمر بالتوفيق والهداية وصلاح الأمر والبطانة،

أما نشر العيوب فهذا من أسباب الفتن، ولما نشرت الخوارج العيوب في عهد عثمان قام الظلمه والجهلة على عثمان فقتل حتى قتل علي بسبب هذه المنشورات الخبيثة، ما بين كذب وبين صدق لا يوجب الخروج على ولاة الأمور، بل يوجب الدعاء لهم بالهداية والتوفيق، هذه الأشياء التي سلكها المسعري وأشباهه هي من جنس ما سلكه عبد الله بن سبأ وأشباهه في عهد عثمان وعلي حتى فرقت الأمة، وحتى وقعت الفتنة وقتل عثمان ظلماً، وقتل علي ظلما وقتل جمع كثير من الصحابة ظلماً.

[ من شريط بعنوان : " حكم الحملات الإعلامية على بلاد الحرمين" ]



وسئل رحمه الله :

يرى البعض : أن حال الفساد وصل في الأمة لدرجة لا يمكن تغييره إلا بالقوة وتهييج الناس على الحكام ، وإبراز معايبهم؛ لينفروا عنهم ، وللأسف فإن هؤلاء لا يتورعون عن دعوة الناس لهذا المنهج والحث عليه ، ماذا يقول سماحتكم؟

فأجاب : هذا مذهب لا تقره الشريعة؛ لما فيه من مخالفة للنصوص الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف ، ولما فيه من الفساد العظيم والفوضى والإخلال بالأمن .

والواجب عند ظهور المنكرات إنكارها بالأسلوب الشرعي ، وبيان الأدلة الشرعية من غير عنف ، ولا إنكار باليد إلا لمن تخوله الدولة ذلك؛ حرصا على استتباب الأمن وعدم الفوضى ، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : { من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة } وقوله صلى الله عليه وسلم : { على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره في المنشط والمكره ما لم يؤمر بمعصية الله }

وقد بايع الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، والعسر واليسر ، وعلى ألا ينزعوا يدا من طاعة ، إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

والمشروع في مثل هذه الحال : مناصحة ولاة الأمور ، والتعاون معهم على البر والتقوى ، والدعاء لهم بالتوفيق والإعانة على الخير ، حتى يقل الشر ويكثر الخير .

نسأل الله أن يصلح جميع ولاة أمر المسلمين ، وأن يمنحهم البطانة الصالحة ، وأن يكثر أعوانهم في الخير ، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده ، إنه جواد كريم.

وقال الإمام إبن عثيمين – رحمه الله - :

(( بل العجب أنه وجه الطعن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، قيل له : (إعدل) وقيل له : (هذه قسمة ما أريد بها وجه الله)،

قيل للرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الرسول: إنه ( يخرج من ضئضئ هذا الرجل من يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم)، (ضئضئ أي: نفسه)،

وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف ويكون بالقول والكلام، لأن هذا ما أخذ السيف على الرسول، لكنه أنكر عليه وما يوجد في بعض كتب أهل السنة من أن الخروج على الإمام هو الخروج بالسيف، فمرادهم من ذلك الخروج النهائي الأكبر، كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام : الزنى يكون بالعين، يكون بالأذن، يكون باليد، يكون بالرجل،

لكن الزنا الأعظم الذي هو الزنا في الحقيقة هو: زنى الفرج ولهذا قال: والفرج يكذبه، فهذه العبارة من بعض العلماء هذا مرادهم، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال، أنه لا يمكن أن يكون خروجاً بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول، الناس لا يمكن أن يحملوا السيف على الإمام بدون شيء يثيرهم، فلا بد من أنه هناك شيء يثيرهم وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجاً حقيقةً دلت عليه السنة ودل عليه الواقع، أما السنة فعرفناها،

وأما الواقع فإننا نعلم عليم اليقين: أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لن يخرجوا على الإمام بمجرد (يالله أمش) خذ السيف لا بد أن يكون هناك شوكة وتمهيد وقدح للإمة وسلب لمحاسنهم، ثم تتمليء القلوب غيضاً وحقداً وحينئذ يحصل البلاء )). [ من شريط بعنوان : " حكم الحملات الإعلامية على بلاد الحرمين" ]

وسئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله - :

هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط أم يدخل في ذلك الطعن فيهم وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم؟

ج: ذكرنا هذا لكم، قلنا الخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا أشد الخروج ويكون بالكلام، بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر، هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم، فالكلام خروج.



وقال العلاّمة الفوزان عن الخوارج:

وفي عصرنا ربما سمّوا من يرى السمعَ والطاعةَ لأولياء الأمور في غير ما معصية عميلاً، أو مداهنًا، أو مغفلاً. فتراهم يقدحون في وَليَّ أمرهم، ويشِّهرون بعيوبه من فوق المنابر، وفي تجمعاتهم، والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ: (من أرادَ أن ينصحَ لسلطان بأمر؛ فلا يبدِ له علانيةً ولكن ليأخذْ بيدِه، فيخلوا به، فإن قَبِلَ منه فذَّاكَ، وإلا كان قد أدَّى الذي عليه) رواه أحمد: (3/404) من حديث عياض بن غنم - رضي الله عنه -، ورواه - أيضًا - ابن أبي عاصم في "السنة": (2/522).

أو إذا رأى وليُّ الأمرِ إيقافَ أحدِهم عن الكلام في المجامع العامة؛ تجمعوا وساروا في مظاهرات، يظنونَ - جهلاً منهم - أنَّ إيقافَ أحدِهم أو سجنَهُ يسوغُ الخروج، أوَلَمْ يسمعوا قولَ النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه -، عند مسلم (1855): (لا. ما أقاموا فيكم الصلاة).

وفي حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في "الصحيحين": (إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم فيه من الله برهان) وذلك عند سؤال الصحابة واستئذانهم له بقتال الأئمة الظالمين.

ألا يعلمُ هؤلاء كم لبثَ الإمامُ أحمدُ في السجنِ، وأينَ ماتَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية؟!.

ألم يسجن الإمام أحمد بضع سنين، ويجلد على القول بخلق القرآن، فلِمَ لَمْ يأمر الناس بالخروج على الخليفة؟!.

وألم يعلموا أن شيخ الإسلام مكث في السجن ما يربو على سنتين، ومات فيه، لِمَ لَمْ يأمرِ الناسَ بالخروجِ على الوالي - مع أنَّهم في الفضلِ والعلمِ غايةٌُ، فيكف بمن دونهم -؟؟!.

إنَّ هذه الأفكارَ والأعمالَ لم تأتِ إلينا إلا بعدما أصبحَ الشبابُ يأخذون علمَهم من المفكِّرِ المعاصرِ فلان، ومن الأديب الشاعرِ فلان، ومن الكاتبِ الإسلامي فلان، ويتركونَ أهل العلمِ، وكتبَ أسلافِهم خلفَهم ظهريًا؛ فلا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله.

"من محاضرة ألقاها الشيخ بمدينة الطائف يوم الاثنين الموافق 3/3/1415هـ في مسجد الملك فهد بالطائف. "

http://www.alfuzan.net/islamLib/view...=347&CID=1#s19



فائدة:

وقال عبد الله بن محمد الضعيف – أحد أئمة السلف - : " قَعَدُ الخوارج هم أخبث الخوارج " [رواه أبو داود في (( مسائل أحمد )) ص (271) بسند صحيح]

قال ابن حجر في وصف بعض أنواع الخوارج: " والقَعَدية الذين يُزَيِّنون الخروجَ على الأئمة ولا يباشِرون ذلك " [((هدي الساري)) ص (483) وانظر (( الإصابة )) عند ترجمة عمران بن حطّان]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق