السبت، 11 مايو 2013

مقال رائع للشيخ الدكتور صالح عبدالكريم - قناعات أم أقنعة ؟؟


قناعات أم أقنعة ؟؟

ذكــر أهــل التفسير أن أكثر القصص طــولاً و تكراراً في القرآن هي قصة موسى عليه السلام ؛ و من أسرار ذلك مشابهة أمته لهذه الأمــة ، و تقارب حال قومه مع حال أقوام هذه الأمة !!

إنها قصة مليئة بالعبر ، زاخرة بالدرر ، و أحــد مشاهد هذه القصـــة ، الازدواجية بين الظاهر والباطن ، فلما جاءت الآيات متواليات ، و البينات واضحات ، و حصص الحق، ما كـان من فرعون و زمرتــه إلا أنهم لبسوا الجحود في الظاهر ، مع قناعتهم التامـة بصــدق هـــــذه الآيات " و جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً و علوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ".

واليوم يتكرر هــذا المشهد عشرات المرات ، و يتوالى الكرات ، كم من قناعـات يخفيها أصحابهــا ، و عقائد يسترها ذووها ، و يلبسون أقنعة مغايرة لها ، لبغية الفوز بحطام دنيوي ، أو تحقيق مأرب فكري ، أو تزلف سلطوي !!

فلان مــن الناس ينشأ مـــع التنظيم السري منـــذ نعومة أظفاره ، و يشارك في نشاطات الجماعـــة في المدارس ، و يُولى مجموعة في الجامعـــة ، و يقتطع مبالــــغ من مرتبـه للحزب ، و ربما بايع المرشـــد ، و يصبح له صيت في الجماعـة ، و لكن بعد الأحداث الأخيـــــرة ، والفتن المستطيــــرة ، يبدأ يحذر من جماعتــــه ، و ينتقد حزبه ، لا ندري هل الخوف ، أم سياسة ( قسم يفجر و قسم يستنكر ) ، هل هي قناعات أم أقنعة ؟؟

شخص آخر كان ينتقد دعاة التصوف ، و يرى فعلهم من الخزعبلات ، و صنيعهم من الجهالات ، و يتكلم في المجالس عن شطحاتهم ، ويحذر منزلاتهم ، التي ينطلق بها من العلم و اليقين ، لما قرأه و رآه و سمعه عن الصوفية ،و فجأة أصبح اليوم يغازل الصوفية ، و يجلس مع دعاتهم ، و يبرر أفعالهم ، هل يا ترى لأنهم سلم لمآربه ، أم لبلوغ أهدافه ، هل هي قناعات أم أقنعة ؟؟

و شخص ثالث نشأ في بيئة محافظة ، يكره التغريب و العولمة ، و الاستشراق والعلمنة ، يدعو للتمسك بالثوابـت الدينيــة ، و يحـــذر من انحرافات الليبراليــــة، فهو متيقن أن الحرية لا تكون على حساب الدين والعادات الأصيلــة ، و لكن ماذا حدث له ؟؟

صار يتكلم اليوم في أعمـــدة الصحافة ، وربما في شاشات الإعـــلام ، مطبـــلاً لأفكار الليبرالية ، مبرراً للأفكارالتحررية ، يا ترى هل هو إرضاء لأصدقائه ، أم مغازلــــــة لمدرائه ، هل هي قناعات أم أقنعة ؟؟

ما أجمل الوضوح و الصراحة ، و ما أقبح التلون والمراوغـــة ، ورب ضارة نافعـــة ، فكم كشفت الأحداث الأخيرة من خبايا ، وكم سقطت من أقنعة !!
حفظ الله البلاد والعباد من شر الأشرار ، ومن كيد الفجار .

كتبه الدكتور / صالح عبدالكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق