الأحد، 16 يونيو 2013

فوائدة جميلة : طلب العلم وتقوى الله

قال علي بن المديني: كان سفيان بن عيينة إذا سئل عن شيء قال: لا أُحْسِن.
فنقول: من نسأل؟
فيقول: سل العلماء، وسل الله التوفيق. [السير 8 /469]

۞ قال مخلد بن حسين رحمه الله: إن كان الرّجل لَيسمع العلم اليسير، فيسودُ به أهل زمانه، يُعرف ذلك في صدقه وورعه، وإنّه لَيروي اليوم خمسين ألف حديث ... لا تجوز شهادته على قلنسوته. [الكفاية للخطيب ص6]

۞ قال الوليدُ بنُ مسلمٍ : " سألتُ الأوزاعيَّ ، و سعيدَ بن عبد العزيز ، و ابنَ جُرَيجٍ : لِمَنْ طلبتُم العلم ؟ كلُّهم يقول : لنفسي ، غير أن ابن جريج فإنّه قال: طلبتُه للنّاس"
قال الحافظ الذهبي معلّقاً:
"قلتُ : ما أحسنَ الصّدق ! واليومَ تسألُ الفقيهَ الغبيَّ : لِمَنْ طلبتَ العلم ؟ فيُبادر و يقول : طلبتُه لله ، و يكذبُ ؛ إنّما طلبه للدُّنيا ، و يا قِلَّةَ ما عَرَفَ منه " [ سير أعلام النّبلاء 6/86]
۞ قال هشام الدستوائي: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوما قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل.
قال الذهبي: "قلت: والله ولا أنا.
فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا، وصاروا أئمة يُقتدى بهم، وطلبه قوم منهم أولا لا لله، وحصلوه، ثم استفاقوا، وحاسبوا أنفسهم، فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق، كما قال مجاهد وغيره: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية، ثم رزق الله النية بعد، وبعضهم يقول: طلبنا هذا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله.
فهذا أيضا حسن.
ثم نشروه بنية صالحة.
وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا، وليثنى عليهم، فلهم ما نووا: قال عليه السلام: " من غزا ينوي عقالا فله ما نوى ".
وترى هذا الضرب لم يستضيئوا بنور العلم، ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل، وإنما العالم من يخشى الله تعالى.
وقوم نالوا العلم، وولوا به المناصب، فظلموا، وتركوا التقيد بالعلم، وركبوا الكبائر والفواحش، فتبا لهم، فما هؤلاء بعلماء !
وبعضهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار.
وبعضهم اجترأ على الله، ووضع الأحاديث، فهتكه الله، وذهب علمه، وصار زاده إلى النار.
وهؤلاء الأقسام كلهم رووا من العلم شيئا كبيرا، وتضلعوا منه في الجملة، فخلف من بعدهم خلف بان نقصهم في العلم والعمل، وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في الظاهر، ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير، أوهموا به أنهم علماء فضلاء، ولم يَدُرْ في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله، لأنهم ما رأوا شيخاً يقتدى به في العلم، فصاروا همجاً رعاعاً، غاية المدرس منهم أن يحصل كتبا مثمنة يخزنها وينظر فيها يوما ما، فيصحف ما يورده ولا يقرره.
فنسأل الله النجاة والعفو، كما قال بعضهم: ما أنا عالم ولا رأيت عالما". [سير أعلام النبلاء 7 / 152 – 153]

"أخلاق العلماء" للإمام الآجري رحمه الله


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق