الاثنين، 17 يونيو 2013

الجهاد


الجهاد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذا تذكير بثلاث مسائل مهمة من احكام الجهاد.

المسألة الأولى: في بيان حكم الجهاد.

الجهاد فرض كفاية، وليس بواجب.

قال ابن قدامة: هو فرض كفاية، و فرض الكفاية إذا قام به من يكفي سقط عن سائر الناس.
والجهاد من فروض الكفايات في قول عوام أهل العلم. [الشرح الكبير ٦/١٠]

قلت: وهو قول جمهور العلماء من الحنفية، والمالكية، والشافعية [انظر بدائع الصنائع للكاساني الحنفي ٣٤٠/٩، ومواهب الجليل للرعيني المالكي ٤/٥٠٠، وروضة الطالبين للنووي الشافعي ٤١٠/٧]

والدليل على ان الجهاد فرض كفاية قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وانفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وانفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى} [سورة النساء آية ٩٥]

قال ابن قدامة: وهذا يدل على ان القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم.
ولان النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا، ويقيم هو وأصحابه. [الشرح الكبير ٦/١٠]

المسألة الثانية: متى يكون الجهاد واجبا.

قال ابن قدامة: ويجب الجهاد في ثلاث حالات:
الحالة الاولى: اذا التقى الزحفان وتقابل الصفان، فيحرم على من حضر الانصراف، ويتعين عليه المقام؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فثبتوا}
الحالة الثانية: اذا نزل الكفار ببلد، تعين على اهله قتالهم ودفعهم.
الحالة الثالثة: إذا استنفر الامام قوما لزمهم النفير معه. [الشرح الكبير ١٤/١٠]

قلت: وهذا مذهب الجمهور أيضاً.

المسألة الثالثة: إذن ولي الامر بالجهاد.

قال ابن قدامة ايضا: ولا يجوز الغزو إلا بإذن الامير، إلا ان يفجأهم عدو يخافون كَلَبَه.
ولا يخرجون الا بإذن الامير، لان امر الحرب موكول اليه، وهو اعلم بكثرة العدو وقلتهم، ومكامنهم وكيدهم، فينبغي ان يرجع الى رأيه، لانه احوط للمسلمين. [١٧١/١٠]

وهو مذهب المالكية، قال ابن حبيب المالكي: سمعت أهل العلم يقولون: ان نهى الامام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته، إلا ان يدهمهم العدو. [مواهب الجليل ٥٠١/٤]
وقال احمد زرّوق من المالكية في بعض وصاياه لإخوانه: التوجه للجهاد بغير إذن جماعة المسلمين وسلطانهم فانه سلم الفتنة، وقلما اشتغل به احد فأنجح. [مواهب الجليل٥٠٢/٤]

المسألة الرابعة:

في تفسير قوله الله عز وجل: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيرا} [سورة النساء أية ٧٥]

ليس في الآية دليل على وجوب القتال، بل حض وتحريض على الجهاد لاستخلاص المستضعفين من المسلمين.

قال ابن جرير الطبري: {وما لكم} أيها المؤمنين، {لا تقاتلون في سبيل الله} وفي {المستضعفين} يقول: عن المستضعفين منكم، {من الرجال} فإنهم كانوا قد أسلموا بمكة، فغلبتهم عشائرهم على أنفسهم بالقهر لهم، وآذوهم، ونالوهم بالعذاب والمكاره في أبدانهم ليفتنوهم عن دينهم، "فحض" الله المؤمنين على استنقاذهم من أيدي من قد غلبهم على انفسهم من الكفار..... قال: وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. [جامع البيان في تأويل القران ١٧١/٥]

وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يحرض تعالى عباده المؤمنين على الجهاد في سبيله، وعلى السعي في استنقاذ المستضعفين بمكة. [تفسير القران العظيم ٣٢٤/٢]

وقال القرطبي: قوله تعالى: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} حض على الجهاد. [الجامع لأحكام القران ٢٧٩/٥]

هذا والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق