الأربعاء، 5 يونيو 2013

هل تعلم أن الإخوان المسلمون هم الممهِّد الحقيقيُّ لإيران إليك الدليل من كتب الإخوان المسلمين


بسم الله الرحمن الرحيم.
أولا: جذور العلاقات الإخوانيَّة الإيرانيَّة:
تعود جذور هذه العلاقة إلى بدايات تأسيس التنظيم الإخواني، حيث كان لحسن البنا الدور البارز في المذهب التقريبي مع الشيعة، وكان يُروِّجُ له تحت شعار الوحدة الإسلاميَّة، ومحاربة الطغيان والاستبداد، ونصرة القضية الفلسطينيَّة وطرد المستعمر.
يقول محمود عبد الحليم عضو اللجنة التأسيسية للإخوان المسلمين:”كانت هذه الطائفة (يعني الشيعة) على كثرتها تعيش في عزلة تامة عن طائفة أهل السنة كأنهما من دينين مختلفين، مع أن هذه الطائفة تضم أقوامًا من أكرم العناصر المسلمة ذات التاريخ المجيد والغيرة على الإسلام والذود عن حياضه”.
إلى أن قال:”رأى حسن البنا أنَّ الوقت قد حان لتوجيه الدعوة إلى طائفة الشيعة، فمد يده إليهم أن هلموا إلينا”.
ثُمَّ قال:”ولو كانت الظروف قد أمهلت حسن البنا لتمَّ مزج هذه الطائفة بالطوائف السنية مزجًا عاد على البلاد الإسلامية بأعظم الخيرات” [(الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) ج2 ص357].
ثانيا: تأثُّر حسن البنَّا بجمال الدين الإيراني المعروف بالأفغاني:
تعود جذور فكرة التقارب التي دعا إليها حسن البنَّا إلى حركة جمال الدين الأفغاني الذي عُدَّ رائد دعوة التقريب، وقد كان شيعيًّا إيرانيًّا يتفنَّن في تغيير زيِّه ولقبه بحسب الظروف والأمكنة.
يقول جمعة أمين عبد العزيز أحد مفكري الإخوان المسلمين:”لقد تنبَّه المصلحون من المسلمين إلى الأضرار التي تتعرض لها الأمة الإسلامية بسبب هذا الانقسام، فراحوا ينادون بوحدة الصف الإسلامي ونبذ أسباب الفرقة بين أبناء الدين الواحد، وقد تزعَّم هذه الدعوة في بدايتها الإمام جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده، ثم أخذت الدعوة شكلا جماعيًّا بعد ذلك فنشأت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي شارك فيها الإمام البنا” [مقال (عليك بالفقه واحذر من الشرك)].
ويقول مصطفى محمد الطحان:”لقد نشأ الإمام الشهيد حسن البنا في وقت ضعف فيه التيار الإصلاحي، فدرس عوامل ضعفه، واستفاد من نواحي قوته، فأخذ أسلوب جمال الدين الأفغاني في العمل السياسي، وأسلوب محمد عبده في الاهتمام بالتربية” [كتاب (الإمام حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين) بتقديم محمد مهدي عاكف المرشد السابق].
ويقول هادي خسروشاهي رئيس مركز البحوث الاسلامية ومستشار وزير الخارجية الإيرانية:”كان نشاط حسن البنا ونهضته في المبادئ ومفاهيمها المطروحة في الواقع مكمِّلاً للتيار الاسلامي السابق له، والذي كان قد بدأه السيد جمال الدين الحسيني المعروف بالأفغاني في أواخر القرن التاسع عشر” [مقال بعنوان (نظرة إلى التراث الفكري والاجتماعي للشيخ حسن البنا المؤسس والمرشد للاخوان المسلمين)].
ثالثا :التحالف السياسي مع الشيعة باسم التقريب بين المذاهب:
لم يكن المقصود من فكرة التقارب هذه التي دعا إليها حسن البنا تأسِّيًا بجمال الدين الأفغاني هو فتح قنوات حوار بقصد بيان الحقِّ والرُّضوخ له وترك الغلوِّ والتَّطرُّف والباطل بأنواعه، وإنما كان المقصود سياسيًّا صِرفًا.
ومما يؤكِّد هذه الحقيقة أنَّ الثورة الإيرانيَّة كانت ملامحها واضحةً من أوَّل أيَّامها، فقد أضفت على الدستور بعد أن تهيَّأ لها البلاد مذهبًا طائفيًّا ذلك الذي كان يتنافى مع مزاعمها في الوحدة الإسلامية تنافيًا صارخًا، وقد اعترف يوسف ندا مفوض العلاقات الدولية للإخوان بذلك، ووصف هذا الإفراز والطابع الطَّائفي بأنَّه غلطة أثَّرت في مسيرة الوحدة الإسلاميَّة، ومع هذا الاعتراف فقد استمرَّت العلاقات الإخوانيَّة الإيرانيَّة بقوَّة وفاعليَّة.
ولذلك فإننا نرى في هذه الأعوام الأخيرة بيانات من بعض قادة التنظيم تحدِّد العلاقة مع إيران بأنَّها علاقة سياسيَّة صِرفة، وتُقرِّر بأنَّ العلاقة المذهبية بين الطَّرفين أمرٌ مسكوتٌ عنه.
يقول محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد بتنيظم الإخوان:”أمَّا موقفنا من إيران وما يصدر عنها فينبغي أن نفرِّق بين أمرين: (المواقف السياسية)، و(المذهب الشيعي): فالمواقف السياسية ينبغي أن نقيسها على قيم الحرية والحق والعدل …  أمَّا موقفنا من المذهب الشيعي فنحن نميل إلى عدم التعرض له بالقدح أو المدح” [مقال بعنوان (مرة أخرى نحن والشيعة)].
بل إنَّ محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق قال بصريح العبارة:”إيران دولة شيعية، والشيعة ليست مذهبًا دينيًّا، بل سياسي، ومن ثم نتعامل معها على أنَّها دولةٌ سياسيَّةٌ لا مذهبيَّة” [(جريدة المصري اليوم) 19/3/2009].
فعلاقة الإخوان بإيران ليست إلاَّ علاقة تحالفيَّة سياسية لُفَّت بستار الوحدة الإسلامية ونصرة القضية الفلسطينيَّة، وإلاَّ فلم تكن هذه الدعاوى إلاَّ شعارات لتحقيق المصالح والوصول إلى الأهداف.
يقول محمود غزلان:”إيران ومنذ قيام الثورة الشعبية 1979م التي أثمرت قيام الجمهورية الإسلامية وهي تتطلع للعب دور في المنطقة، بدأ بفكرة تصدير الثورة” [(مقال (مرة أخرى نحن والشيعة)].
فقد كان من مصلحة إيران وهي دولة ذات مذهب شيعي طائفي دعم أحزاب المعارضة السنية لتوسيع نفوذها داخل وخارج منطقة الخليج العربي وتعزيز دورها ومكانتها والاستفادة من تأثير تلك الأحزاب في المجتمعات السنية، والإخوان المسلمون كانوا بدورهم بحاجة إلى إيران كقوَّة يستندون إليها، وبالخصوص مع وجود مساحة ثورية مشتركة بين الطرفين.
رابعا : حسن البنا وبعض كبار الشيعة الإيرانيين:
نتج عن دعوة حسن البنا إلى التقريب قدوم بعض كبار الشيعة من إيران للجلوس معه ومدِّ الجسور، ومن هؤلاء: محمد تقي قمي.
يقول محمود عبد الحليم:”قدم إلى مصر شيخٌ من كبار مشايخهم في إيران، هو الشيخ محمد تقي قمي، والتقى بحسن البنا، وحَسُنَ التفاهم بينهما، وثمرةٌ لهذا التفاهم أُنشئت في القاهرة دار تَرمُز إلى هذه المعاني السامية اسمها: (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية)” [(الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) ج2 ص357].
ويقول عمر التلمساني المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين:”ولقد استضاف (أي: حسن البنا) لهذا الغرض فضيلة الشيخ محمد القمي أحد كبار علماء الشيعة وزعمائهم في المركز العام فترة ليست بالقصيرة” [(حسن البنا الملهم الموهوب)ص78].
ونقل جمعة أمين عن محمد تقي قمي هذا قوله:”وبعد فلعلَّ أكثر الناس لا يعرفون أن الأستاذ حسن البنا هو صاحب الفكرة الأولى في تأليف جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية” [مقال بعنوان (عليك بالفقه واحذر من الشرك)].
ومن الشخصيَّات الإيرانية التي التقت بحسن البنا أيضًا: المرجع الشيعي الكاشاني.
يقول التلمساني:”ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة فاتصلوا بآية الله الكاشاني” [مقال (شيعة وسنة) مجلة الدعوة العدد 105 / 1985].
وقال هادي خسروشاهي:”والنقطة الأخرى في هذا الجانب هي لقاء الشيخ حسن البنا مع آية الله كاشاني في زيارة الحج هذه، وبعد إجرائهما الحوار قرَّرا عقد مؤتمر إسلامي في طهران تشارك فيه شخصيات من العالم الإسلامي كي تتم فيه تقوية العلاقات الودية بين المسلمين أكثر فاكثر” [مقال (نظرة إلى التراث الفكري والاجتماعي للشيخ حسن البنا)].
خامسا : الإخوان المسلمون ونواب صفوي الثوري الإيراني مؤسس حركة (فدائيان إسلام):
بدعوة من الإخوان المسلمين قام بزيارة مصر نواب صفوي مؤسس الحركة الشيعية الثوريَّة (فدائيان إسلام) المناوئة لحكم الشاه آنذاك.
يقول سالم البهنساوي أحد مفكري الإخوان المسلمين:”منذ أن تكوَّنت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية والتي ساهم فيها الإمام البنَّا والإمام القمي والتعاون قائم بين الإخوان المسلمين والشيعة، وقد أدَّى ذلك إلى زيارة الإمام نواب صفوي سنة 1954 للقاهرة”، ثم قال:”ولا غرو في ذلك فمناهج الجماعتين تُؤدِّي إلى هذا التعاون” [(السُّنَّة المفترى عليها)ص57].
وقد قوبل نواب صفوي بحماس شديد وترحيب حار من قبل الإخوان المسلمين الذين أرادوا توطيد علاقتهم بهذه الحركة الشيعية الإيرانية المنهاضة للشاه في تلك الفترة.
يقول عباس السيسي أحد قياديِّ الإخوان المسلمين:”وصل إلى القاهرة في زيارة لجماعة الإخوان المسلمون الزعيم الإسلامي نواب صفوي زعيم فدائيان إسلام بإيران، وقد احتفل بمقدمه الإخوان أعظم احتفال، وقام بإلقاء حديث الثلاثاء، فحلق بالإخوان في سماء الدعوة الإسلامية وطاف بهم مع الملأ الأعلى، وكان يردد معهم شعار الإخوان: الله أكبر” [(في قافلة الإخوان المسلمين)ج2 ص159].
ومع تعصُّب نواب صفوي لمذهبه وحماسه الشديد لحركته الثورية ذلك الذي جرَّه إلى أعمال عنف عديدة من تصفيات واغتيالات؛ فقد كان ذا صيت لامع عند الإخوان المسلمين وكانوا يُضفون عليه هالات المديح والثناء، فقد كان في نظرهم شابًّا سياسيًّا ثوريًّا يريد الوقوف أمام الظلم والاستبداد، وهذه هي المساحة المشتركة بين الطَّرفين، وكان الإخوان ينطلقون في تدعيم هذه المساحة المشتركة وتأييد صفوي وثورته من قاعدتهم: (نتعاون فيما اتَّفقنا عليه)، وحينئذٍ فما وراء هذه المساحة المشتركة من أعمال عنف وتطرُّف وطائفية تصدر من صفوي فيُمكن أن يَتعامل معه الإخوان وفقًا للجزء الثَّاني من قاعدتهم: (ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه)!
فها هو محمد حامد أبو النصر المرشد الرابع للإخوان المسلمين يصف نواب صفوي بالزعيم الإيراني المسلم الشهيد [(حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمون وعبد الناصر)ص98].
ويقول عنه فتحي يكن أحد زعماء الإخوان المسلمين في لبنان:”شاب متوقد إيمانًا وحماسةً واندفاعًا، بلغ من العمر تسعة وعشرين عامًا، درس في النجف في العراق، ثم رجع إلى إيران ليقود حركة الجهاد ضد الخيانة والاستعمار، أسس في إيران حركة (فدائيان إسلام) التي تؤمن بأن القوة والإعداد في سبيل تطهير الأرض المسلمة من الصهيونيين والمستعمرين” [(الموسوعة الحركية) ج1 ص163].
لقد كانت علاقة نواب صفوي بالإخون المسلمين علاقة قوية وطيدة ذلك الذي جعل راشد الغنوشي يصف منظمة (فدائيان إسلام) بأنها امتداد للإخوان المسلمين [(مقالات حركة الاتجاه الإسلامي)].
وجعل صفوي نفسه يقول بالمقابل في زيارةٍ له إلى سوريا أمام حشد من السنة والشيعة:”من أراد أن يكون جعفريًّا حقيقيًّا فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين” [(إيران والإخوان المسلمون) عباس خامه يار ص225].
وقد نعاه الإخوان المسلمون بعد أن أُعدم بسبب محاولة اغتيال رئيس الوزاء الإيراني آنذاك.
فقد جاء في مجلة (المسلمون) تحت عنوان (مع نواب صفوي):”والشهيد العزيز – نضَّر الله ذكره – وثيق الصِّلة بالإخوان المسلمين، وقد نزل ضيفًا في دارها بالقاهرة أيام زيارته مصر، في كانون الثاني سنة 1954″ [المجلد الخامس - العدد الأول – 1956 – ص73].
سادسا : الإخوان المسلمون ودفع عجلة الثورة الإيرانية:
كعادة الإخوان المسلمين في البحث عن حلفاء سياسيِّين ثوريِّين كان الخميني هذه المرَّة هدفهم، وقد كان منفيًّا آنذاك في فرنسا، فبدأ الإخوان المسلمون في دعمه وتأييده والاحتفاء بدعوته الثورية.
فقد ذكر يوسف ندا مفوِّض العلاقات الدولية في تنظيم الإخوان المسلمين في لقاء معه على قناة الجزيرة بأنَّ الإخوان المسلمين كوَّنوا وفدًا التقى بالخميني في باريس قبل ذهابه إلى إيران، وأنَّ التنظيم كان على علاقة بأعضاء من مجموعات الخميني قبل الثورة الإيرانية، وكانت تتمُّ بينهم لقاءات في أمريكا وأوروبا.
يقول يوسف ندا:”عندما جاء الخميني إلى باريس ذهب الوفد وقابله هناك؛ ليشجِّعه ويدعمه”.
سابعا : الإخوان المسلمون وجنون الافتتان بالثورة الإيرانية:
وعندما قامت الثورة في إيران كان الوفد الإخواني ثالث طائرة تهبط في مطار طهران بعد طائرة الخميني وطائرة أخرى، على حسب تصريح يوسف ندا.
وقد كان تأييد الإخوان المسلمين للثورة الإيرانيَّة تأييدًا صارخًا وفوريًّا.
يقول التلمساني:”وحين قام الخميني بالثورة أيدناه ووقفنا بجانبه” [حوار معه في مجلة المصور].
وقال القيادي الإخواني عصام العريان لجريدة الشرق الأوسط:”إنَّ جماعة الإخوان المسلمين أيدت الثورة الإسلامية في إيران منذ اندلاعها عام 1979 لأنها قامت ضد نظام حكم الشاه رضا بهلوي الذي كان منحازًا للعدو الصهيوني”.
وقال عبد لله النفيسي:”فور حدوث الثورة الإيرانية بادرت أمانة سر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بالاتصال بالمسؤولين الإيرانيين بغية تشكيل وفد من الإخوان لزيارة إيران والتهنئة بالثورة وتدارس سبل التعاون” [(الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية) ص248و249].
وقد كان تأثير الثورة الإيرانيَّة كبيرًا على رموز الإخوان.
فقد قال راشد الغنوشي:”إنه بنجاح الثورة في إيران يبدأ الإسلام دورة حضارية جديدة”.
وكتب الغنوشي في مجلة (المعرفة) الناطقة باسم حركة الاتجاه الإسلامي والتي تُعرَف الآن بحركة النهضة مقالاً بعنوان (الرسول ينتخب إيران للقيادة) جاء فيه:”إن إيران اليوم بقيادة آية الله الخميني القائد العظيم والمسلم المقدام هي المنتدبة لحمل راية الإسلام”.
وقال الغنوشي أيضًا:”إنَّ مصطلح الحركة الإسلامية ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى: الإخوان المسلمين، الجماعة الإسلامية بباكستان (والتي أسسها أبو الأعلى المودودي والتي كانت على شاكلة منهج الإخوان المسلمين)، وحركة الإمام الخميني في إيران”.
وقال فتحي يكن:”تنحصر المدارس التي تتلقى منها الصحوة الاسلامية عقيدتها وعلمها ومفاهيمها في ثلاث مدارس: مدرسة حسن البنا، ومدرسة سيد قطب، ومدرسة الامام الخميني” [(المتغيرات الدولية والدور الاسلامي المطلوب)ص 67 – 68].
وقال القرضاوي:”ومن ثمرات هذه الصحوة ودلائلها الحية: قيام ثورتين إسلاميتين أقامت كلٌّ منها دولةً للإسلام تتبناه منهجا ورسالة في شئون الحياة كلها: عقائد وعبادات، وأخلاقا وآدابا، وتشريعا ومعاملات، وفكرا وثقافة، في حياة الفرد، وحياة الأسرة، وحياة المجتمع، وعلاقات الأمة بالأمم، أما الثورة الأولى: فهي الثورة الإسلامية في إيران التي قادها الإمام آية الله الخميني سنة 1979م … وكان لها إيحاؤها وتأثيرها على الصحوة الإسلامية في العالم، وانبعاث الأمل فيها بالنصر، الذي كان الكثيرون يعتبرونه من المستحيلات” (أمتنا بين قرنين)ص112و113.
ثامنا : ثناء خامنئي ومستشاره على الإخوان المسلمين:
من هنا لم يكن مستغربًا حينما عدَّد خامنئي المرشد الحالي في إيران في خطبته إبَّان الثورة المصرية بعض المشاهير في مصر وختمهم بقوله:”والشيخ حسن البنا”.
وقد كان خامنئي قد ترجم كتابين لسيد قطب إلى اللغة الفارسية وذلك قبل الثورة الإيرانية عام 1979.
يقول علي أكبر ولايتي الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية ومستشار خامنئي في مقابلة له مع وكالة أنباء مهر الإيرانية:”طبعا كان لإيران ومصر أثرا متبادلا، فكما كان للسيد جمال الدين دور في نشوء الصحوة الاسلامية في مصر وبروز شخصيات من قبيل المرحوم الشيخ محمد عبده وعبدالرحمن الكواكبي ورشيد رضا، فكذلك ترك الإخوان المسلمون في وقتهم أثرا على الحركات الاسلامية في إيران”.
وقال أيضًا:”إن سماحة قائد الثورة قام قبل الثورة بترجمة عدد من كتب سيد قطب إلى الفارسية، وبعد الثورة أيضا تمت ترجمة كتاب ولاية الفقيه للإمام الخميني إلى العربية، حيث ترك أثرًا هاما في الصحوة الاسلامية بالعالم العربي وخاصة مصر”.
وقد عزا ولايتي الأهمية الثقافية لمصر بالنسبة للمنطقة إلى وجود الأزهر وما وصفه بالماضي العريق للإخوان المسلمين وقال:”منذ تأسيس الاخوان المسلمين من قبل حسن البنا عام 1928، كان موقع مصر الثقافي ودورها في الحضارة الاسلامية تتطلب أن تتبوأ مصر هذه المكانة في العالم العربي”.
تاسعا : تبنِّي الإخوان المسلمين للعديد من المواقف المؤيِّدة لإيران:
لقد تبنَّى الإخوان المسلمون العديد من المواقف المؤيِّدة لإيران وللشيعة عمومًا، فقد كانت لهم تصريحات في الحرب العراقية الإيرانية، وتصريحات في المواجهات التي تمت بين المملكة العربية السعودية والحوثيِّين، وتصريحات بخصوص خليَّة حزب الله التي تم اكتشافها في مصر، وغير ذلك من المواقف، وقد اعترف يوسف ندا في لقاء معه على الجزيرة بأن علاقتهم مع دول الخليج كانت متوتِّرة وكانوا متَّهَمين بالعمالة بسبب مواقفهم الممالئة لإيران.
وها هي مجلة (الأمان) التي يترأَّسها إبراهيم المصري من قُدامى مؤسسي الإخوان المسلمين في لبنان تُظهِر مساحةً كبيرةً من التحالف الإخواني الإيراني، وهي وإن كانت أحيانًا تحاول مسك العصا من المنتصف فهي في أحيان أخرى لا تتورَّع عن أن تورد تصريحات الإيرانيين بأن الجزر الإماراتية جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية؛ كما في خبر بعنوان (رفض إيراني لبيان الدوحة حول الجزر).
وتورد مقالات أخرى تُظهِر فيها إيران على أنها القوة الجبارة في الخليج وتستصغر في الوقت نفسه من شأن دول الخليج؛ كما في مقال بعنوان (إيران تستعرض قوّتها في الخليج الخائف والنظام العربي موزّع الولاء)، ومقال آخر بعنوان (إغلاق مضيق هرمز.. هل يكون بداية لحرب شاملة).
وتورد بين الفينة والأخرى مقالات تهوِّن فيها من الاعتداءات الإيرانية، ففي مقال بعنوان (إيران والبحرين: فقاعة سياسيّة أم خطوة مرتجلة؟) على خلفيَّة تصريحات ناطق نوري قرَّر فيه صاحب هذا المقال أن عروبة البحرين ليس لها بعد تاريخي أو قانوني دولي، وأن القضية سياسية فقط.
وقال صاحب المقال أيضا:”لا شك أن الأسلوب الاستعراضي الذي اتبعته دول عربية عديدة في تأكيد وقوفها إلى جانب البحرين ورفضها للتصريحات الإيرانية يندرج تحت عنوان الاستفادة من فرصة ذهبية في نظر بعض المسؤولين للمضيّ قدمًا في التهويل من الخطر الإيراني على المنطقة”.
وقال أيضا:”وفي الوقت الذي لا تنقطع فيه جهود تصوير الخطر الإيراني هو الخطر الأكبر على البلدان العربية، لا سيما الخليجية، بديلاً من الخطر الصهيوني”.
عاشرا : مهدي عاكف مرشد الإخوان السابق: من حقِّ إيران صنع قنبلة نووية ومد المذهب الشيعي:
سئل محمد مهدي عاكف المرشد السَّابق للإخوان المسلمين في حوار معه في جريدة النهار الكويتية: ألا تعتقد أن البرنامج النووي الإيراني يؤثر على أمن الخليج؟ وإن كان يؤثر فلماذا يقام؟ وهل ترحب بالمد الشيعي في المنطقة؟
فقال مهدي عاكف:”هذا البرنامج من حقهم، حتى ولوكان قنبلة نووية فهذا حقهم”.
وقال أيضًا:”وفيما يخص المد الشيعي أرى أنه لامانع في ذلك، فعندنا 56 دولة في منظمة المؤتمر الاسلامي سنية، فلماذا التخوف من إيران وهي الدولة الوحيدة في العالم الشيعية”.
وقد سألَت جريدة (الشرق الأوسط) بعد هذه التصريحات مهدي عاكف عمَّا إذا كانت إجابته قد حُرِّفت أو فُهمت خطأ فقال:”لا، الإجابة صحيحة، وبلا تحريف”.
الحادي عشر : العلاقات الإخوانية الإيرانية وتكييف قنوات الاتصال:
إذا كان الإخوان المسلمون كتنظيم سياسي يحرصون على علاقاتهم مع إيران بجامع المصالح السياسيَّة والثَّوريَّة المشتركة فإنهم في الوقت نفسه يحاولون أن يكيِّفوا هذه العلاقة ويهيِّئوا لها البيئة التي تناسب مصالحهم أو مصالح الطرفين، وخاصة بعد توتر علاقاتهم مع بعض الدول العربيَّة كضريبة لممالأتهم لإيران، ومن هنا كان لابدَّ من تكوين بيئات سرية وإنشاء علاقات وراء الأستار.
ولا أدلَّ على ذلك من اعتراف يوسف ندا في لقاء معه على قناة الجزيرة بأنه عندما توتَّرت العلاقات بين الإخوان المسلمين ودول الخليج تم تغيير البيئة الإخوانية الإيرانية فورًا، حيث قال ندا:”فانتقلت العلاقة فورًا، قرَّرنا أنها تكون من خارج البلاد العربية، فاتصلتُ ببعض إخواننا حتَّى يتَّصلوا بهم، فاتصلوا بهم، فبعثوا لي مندوب في لندن، رحت قابلته في لندن”.
الثاني عشر: الإخوان المسلمون وممالأة النظام الإيراني ولو مارس الاعتقالات والتصفيات:
صرَّح يوسف ندا في حوار معه على الجزيرة بأنَّ ما أفرزته الثورة الإيرانية من قيام الدستور على أساس طائفي كان غلطة أثرَّت في مسيرة وحدة المسلمين، ولكنَّ ذلك لم يؤثِّر أبدًا في العلاقات الإخوانية الإيرانية، وبرَّر ذلك بقوله:”هو مبدأ عام عند الإخوان؛ إنه في وسط الإسلاميين: (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه)”.
وهنا سُئِل يوسف ندا: حتى ولو أدى الأمر إلى اعتقال كثير من أهل السنة وإلى سجنهم وإلى قتل بعضهم وتصفيتهم؟
فأجاب يوسف ندا:”ليس هناك عمل بدون أخطاء، والمفروض إذا كان فيه اعتقالات وإذا كان فيه أي شيء المفروض إن إحنا نساعد في إزالتها مش إن إحنا نقطع، لأن أي قطع معناه إنه تزيد الأخطاء مش إنها تنقص”.
وأكَّد ندا على أنَّ العلاقة بين الإخوان وإيران لم يحصل فيها فتور على الرغم من الوضع الطائفي الذي أفرزته الثورة، وعلى الرغم مما بدر من صادق خلخالي مسؤول المحاكم الثورية آنذاك من تكفير للإخوان ووصفهم بعملاء الشيطان.
وقال يوسف ندا أيضًا:”مش معنى إن إحنا مختلفين معاهم في موضوع أحمد مفتي زاده (أحد كبار الإخوان المسلمين في إيران) أو غيره إن إحنا نقطع صلاتنا، لو قطعنا صلاتنا بأي واحد يبقى ما هنصلح أي غلط، إحنا بنعتقد إن هو لازم يتصلح، فالعلاقة تفضل موجودة، يعني: (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه)”!
وهكذا تَهُون أخطاء إيران في نظر الإخوان المسلمين وتذوب تمامًا تحت شعار (يعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه)، ولو كانت تلك الأخطاء هي الاعتقال والحبس والقتل والتصفية والممارسات الطائفية! وتبقى المصالح السياسيَّة والروح الثَّوريَّة هي المساحة المشتركة التي تعلو على أيِّ أمرٍ آخر.
وفي الوقت الذي لا يجد الإخوان المسلمون أيَّ بأسٍ في أن يعذروا النظام الإيراني إذا صدر منه ما صدر ولو كانت الجرائم الموبقة حفاظًا على المكاسب السياسيَّة؛ فإنَّهم لا يتورَّعون أبدًا عن رفع سيف التهديد والوعيد والتحريض على الأنظمة الأخرى من دون أن يطبِّقوا معها لا من قريبٍ ولا من بعيد – في ازدواجيَّة مفضوحة – قاعدتهم المزعومة (يعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه)!
وأخيرًا:
.
إني لأدعو بكل صدق وشفقة ورحمة الشباب والشابات الملبس عليهم في تنظيم الإخوان المسلمين أن يعوا هذه الحقيقة ، ويدركوا مخاطر التنظيم على دينهم ووطنهم ، وينسلخوا من هذا التنظيم الموبوء ، ويعودوا إلى رشدهم وهداهم ، فالطريق الذي تسلكونه ما هو إلا منحدر خطير ، فالله الله في أنفسكم وأهليكم ودينكم ووطنكم .
اللهمَّ وفِّق ولاة أمرنا لما فيه خير هذا البلد، واحفظهم بحفظك، واكلأهم برعايتك، وأيِّدهم بتوفيقك، وكن لهم في الدنيا والآخرة معينًا ونصيرًا، فإنَّك سبحانك نعم المولى ونعم النَّصير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق