الثلاثاء، 11 يونيو 2013

العزلة دواء قال ابن حزم:رحمه الله




العزلة دواء

قال ابن حزم:رحمه الله
من جالس الناس لم يعدم هما يؤلم نفسه, وإثما يندم عليه في معاده, وغيظا ينضج كبده وذلا ينكس همته, فما الظن بعد بمن خالطهم وداخلهم, والعز والراحة والسرور والسلامة في الانفراد عنهم ,ولكن اجعلهم كالنار تدفأ بها ولا تخالطها.
و لو لم يكن في مجالسة الناس إلا عيبان لكفيا:
أحدهما الاسترسال عند الأنس بالأسرار المهلكة القاتلة التي لولا المجالسة لم يبح بها البائح
والثاني مواقعة الغيبة المهلكة في الآخرة
فلا سبيل إلى السلامة من هاتين البليتين إلا بالانفراد عن المجالسة جملة.
الكتاب : الأخلاق والسير في مداواة النفوس/97/تحقيق عبد الحق التركماني/ دار ابن حزم
المؤلف : علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد
قال ابن الجوزي: رحمه الله
العزلة عن الخلق سبب طيب العيش، ولابد من مخالطة بمقدار. فدار العدو واستمله، فربما كادك فأهلكك! وأحسن إلى من أساء إليك! واستعن على أمورك بالكتمان!
ولتكن الناس عندك معارف، فأما أصدقاء، فلا؛ لأن أعز الأشياء وجود صديق، ذاك أن الصديق يجب أن يكون في مرتبة مماثل، فإن صادفته عاميًّا، لم تنتفع به، لسوء أخلاقه، وقلة علمه وأدبه، وإن صادفت مماثلًا أو مقاربًا، حسدك، وإذا كان لك يقظة، تلمحت من أفعاله ما يدل على حسدك: {ولتعرفنهم في لحن القول} [محمد: 30]، وإذا أردت تأكيد ذلك، فضع عليه من يضعك عنده، فلا يخرج إليه إلا بما في قلبه.
فإن أردت العيش، فابعد عن الحسود؛ لأنه يرى نعمتك، فربما أصابها بالعين! فإن اضطررت إلى مخالطته، فلا تفش له سرك، ولا تشاوره، ولا يغرنك تملقه لك، ولا ما يظهره من الدين والتعبد، فإن الحسد يغلب الدين! وقد عرفت أن قابيل أخرجه الحسد إلى القتل! وأن إخوة يوسف باعوه بثمن بخس! وكان أبو عامر الراهب من المتعبدين العقلاء، وعبد الله بن أبي من الرؤساء، أخرجهما حسد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النفاق، وترك الصواب.
ولا ينبغي أن تطلب لحاسدك عقوبة أكثر مما فيه، فإنه في أمر عظيم متصل، لا يرضيه إلا زوال نعمتك، وكلما امتدت، امتد عذابه، فلا عيش له! وما طاب عيش أهل الجنة إلا حين نزع الحسد والغل من صدورهم، ولولا أنه نزع، تحاسدوا، وتنغص عيشهم
صيد الخاطر/318/الكتاب العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق