الخميس، 27 يونيو 2013

حالُ السنيّ الموحدِ عندَ فسادِ الزمانِ واشتدادِ الغربة




[حالُ السنيّ الموحدِ عندَ فسادِ الزمانِ واشتدادِ الغربة]

قال الشيخ حسن بن حسين آل الشيخ رحمه الله:

«فالمستقيم على المنهج السوي، والطريق النبوي، عند فساد الزمان ومروج الأديان، غريب ولو عند الحبيب!

إذ قد توفرت الموانع وكثرت الآفات، وتظاهرت القبائح والمنكرات، وظهر التغيير في الدين والتبديل، واتباع الهوى والتضليل، وفُقِد المُعين، وعزَّ من يلوذ به الموحد.

وصار الناس كالشيء المشوب، ودارت بين الكل رحى الفتن والحروب، وانتشر شرُّ المنافقين، وعيل صبر المتقين، وتقطعت سبل المسالك، وترادفت الضلالات والمهالك، ومنع الخلاص ولات حين مناص!

فالموحد بينهم أعز من الكبريت الأحمر، ومع ذلك فليس له مجيب ولا داع، ولا قابل لما يقول ولا واع.

قد نُصبت له رايات الخلاف، ورمي بقوس العداوة والاعتساف، ونظرت إليه شزرا العيون، وأتاه الأذى من كل منافق مفتون، فاشتدت عليه الكربة، واستحكمت له الغربة، وأفلاذ كبده تقطعت مما جرى في دين الإسلام، وعراه من الانثلام والانفصام، والباطل قد اضطرمت ناره، وتطاير في الآفاق شراره، ومع هذا كله فهو على الدين الحنيفي مستقيم، ولحجج الله وبراهينه مقيم.

فبالله، قل لي: هل يصدر هذا إلا عن يقين وصدق راسخ في الجنان، وكمال توحيد وصبر وإيمان، ورضى وتسليم لما قدره الرحمن، وقد وعد الله الصابرين جزيل الثواب: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

وقد قال بعض العلماء رحمهم الله تعالى:

(من اتبع القرآن والسنة وهاجر إلى الله بقلبه، واتبع آثار الصحابة، لم يسبقه الصحابة إلا بكونهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.

وفي ذلك الزمان، فالكل له أعوان وإخوان، ومساعدون ومعاضدون، ولهذا قال علي بن المديني رحمه الله -كما ذكره عنه ابن الجوزي في صفة الصفوة-:

(ما قام أحد بالإسلام بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قام أحمد بن حنبل! قيل: يا أبا الحسن، ولا أبو بكر الصديق؟! قال: إن أبا بكر الصديق له أصحاب وأعوان، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب!)انتهى».

الدرر السنية (٩٢/٨)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق